ريادة الأعمال الإنسانية، خطوة نحو التنمية المستدامة في المجتمع
ريادة الأعمال الإنسانية، خطوة نحو التنمية المستدامة في المجتمع
“في نهاية اليوم ، لن يتذكر الناس ما قلته أو فعلته، ويتذكرون كيف جعلتهم يشعرون”
هذا ما قالته مايا أنجيلو الكاتبة الأمريكية والناشطة في الحقوق المدنية في مذكراتها ( I Know Why The Caged Bird Sings)!
- Advertisement -
فهل ما قالته مايا أنجيلو مُقتصرٌ فقط على الحقوق المدنية والإنسانية؟ أو أنه يتخطّاها إلى مجال الأعمال وريادة الأعمال؟ دعونا نكشف لكم بعض الخفايا في ريادة الأعمال المجتمعية والإنسانية.
ريادة الأعمال عبر الزمان والمكان
الريادة في الأعمال أو الأعمال الريادية ضمن مفهوم الإنسانية والمجتمعية ليست وليدة اللحظة وليست حركة خارج الزمن، ولكن هي كل فكر أو مشروع ريادي يأتي استجابة لظروف اقتصادية ومجتمعية ليساهم في تنمية اقتصاد المجتمع وتعزيز انتماء أبنائه لـ وظائفهم ومجتمعهم وبلدهم، حيث تهدف الأعمال الريادية الإنسانية إلى وضع الإنسان في أولى اهتماماته وإيلاء العناية له؛ وبذلك توفر مفهوم عملي للتنمية المستدامة تتخطى حدود الاستثمار وجني الأرباح إلى ما هو أعمق إنسانياً ومجتمعياً.
مفهوم الإنسانية في ريادة الأعمال يختلف عن مفهوم التطوعية في ذات الموضوع، فإذا كانت التطوعية تهتم بتقديم الخدمة والمنفعة إلى فئات محتاجة من قبل فئات مُقتدرة، فإن الريادة الإنسانية تهتم بتقديم الخدمة والمنفعة إلى جميع الفئات وبذلك تُترجم هدفها بشكل فعلي بأنّ الإنسان هو أولويتها.
تنطلق الإنسانية في ريادة الأعمال من الشركات والمؤسسات والمشاريع الصغيرة، وتتوسع تدريجياً داخل المجتمع لتشمل الدولة بأكملها، وخلال مراحل مختلفة ولتحقيق أهداف مُخطّطٍ لها تُكوّن أساسيات حقوق الإنسان، فكل مؤسسة تضع قوانينها وسياستها الخاصة لتضمن حقوقها وحقوق موظفيها وتحقق خططها وأهدافها، ويجب أن نُميّز هنا بين الحقوق التي تندرج تحت ريادة الأعمال الإنسانية وبين الحقوق التي تندرج تحت قانون العمل والعمّال التي تضع الإجازات والمكافآت ضمن خانة المسلّمات؛ وعندما يتجاوز أصحاب العمل الحقوق لما هو أعلى منها هنا يبدأ تطبيق مفهوم ريادة الأعمال الإنسانية والمجتمعية.
كمثال حي، فإنّ نسبة كبيرة من الموظفين والعاملين في المؤسسات هم من الأمهات، الأمر الذي يفتح فرصاً كثيرة أمام الشركة لتعزيز ولاء الموظفة لها لتضع كامل جهدها في عملها دون أن تفكر في ترك العمل بسبب تربية الأبناء أو بسبب المصاريف الإضافية، ومن هذه الفرص التي قد تمنحها المؤسسة للأمهات هو توفير حضانة مناسبة للأطفال دون تكاليف إضافية على الأم العاملة ولكن يتم ذلك من خلال اقتطاع نسبة معينة من دخل الموظفة الشهري، فتضمن المؤسسة بقاء الأم العاملة على رأس عملها مع متابعة أطفالها خلال أوقات الفراغ ودون أن تشعر بأي تكلفة مادية، ولكنها تشعر بقيمتها في المجتمع بأهمية إنتاجها وإنجازها. فرصٌ أخرى قد تحققها المؤسسة مرتبطة بتوفير خيار وسائل نقل للموظفين على أن يكون اختيارياً وليس إجبارياً مع حرية إلغائه لاحقاً، إلى جانب ذكر هذا البند في عقد التوظيف وذكر تكلفة اقتطاع رسومه من الدخل الشهري، هذه التفاصيل وغيرها التي تضع الموظفين تحت خيارات متعددة وحرية الاختيار منها تُعزز ولاء الموظفين لمؤسساتهم وتجعلهم يشعرون بأهمية ما يقومون به مهما كان بسيطاً، لتتجلى من هنا فكرة التنمية المستدامة للمؤسسة اقتصادياً وإنسانياً.
وجه آخر لريادة الأعمال الإنسانية
تتوسع الأفكار والمشاريع في المجال الإنساني أو المجتمعي لتطال الأعمال الخيرية والتطوعية، فتقوم العديد من المؤسسات بإطلاق مبادرات تطوعية لتنمية المجتمع في جميع حالاته وتعزيز أوضاع أبنائه، فتقوم مؤسسة ما بتأسيس نوع المبادرة وتهيئة موظفيها لإتمامها، وعادة ما تكون نوعية المبادرة خاصة بمتطلبات المجتمع لتلبي احتياجات أبنائه، فعلى سبيل المثال قد تقوم الشركة بإطلاق مبادرة لتوزيع الطرود الغذائية على العائلات العفيفة، فيتم ذلك من خلال جمع وحصر معلومات العائلات، من ثم تحديد أهم المواد الغذائية الأساسية التي يجب توفيرها لكل عائلة والبدء بتوزيعها، وكل هذه الخطوات تتم من خلال موظفين متطوعين بإرادتهم، وبذلك يتم تعزيز فكرة التكافل والمساواة والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد وتعزيز فكرة التنمية المستدامة الإنسانية في ريادة الأعمال.
مع هذه الأمثلة البسيطة ندرك مفهوم ريادة الأعمال الإنسانية التي تنشأ على فكرة الاستثمار بهدف الربح وتنمية المجتمع مع تعزيز الجانب الإنساني فيها، فإذا ما تم تنمية ولاء وانتماء الموظفين لأماكن عملهم وتعزيز أداء أعمالهم بحب فإن هذه المؤسسة وغيرها من مثيلاتها سيكونون قادرين على بناء مجتمع مختلف تماماً عن ما هو سائد بين الناس من أفكار ومعتقدات، أو ليس هذا كافياً لأن يتمسك الجميع بأعمالهم ومجتمعاتهم دور أي تفكير بمغادرة العمل والدولة؟